Cherreads

Chapter 2 - حِكمة فوق السماء.2

كان واقفاً هُناك.

رأى هيونكيل حريقاً كبيراً. كان نفسه منقطعاً من الدخان والكاربون والمواد السامة.

هيونكيل فتح فمه وقلبه بدأ ينبض بسرعة وهو متوتر. تعرق بشدة لدرجة أن الأرض تحته ابتلت وأصبحت طينية. عندها بدأ يبكي بشدة وكان يصرخ كأن عقله يملي عليه مايفعل.

لكن هذا مألوف له.

كله قد رآه في وقت سابق في حياته. جسده وشكله وحتى من يقف بجانبه...

نظر هيونكيل بالقرب منه فرأى لاوك صديقه وهو يقف بهدوء هناك ويبكي كذلك.

عندها استيقض هيونكيل بسرعة وهو مذعور وعقله مشوش وتفكيره منصب على ماحدث في الحلم. فجأة يحس ببرودة شديدة على وجهه فيدرك أنه استيقظ. فتح عينيه فإذا بديوجين يضع الدلو الذي رمى فيه الماء على وجه هيونكيل جانباً.

ديوجين :

"لقد استيقظت يافتى؟ لقد كنت مذعورا كعادتك من نفس الكابوس أليس كذلك؟. على أية حال انت متأخر اليوم عن غير العادة. المجلس سوف يبدأون اجتماعهم بالاطلس في القصر الامبراطوري في منتصف النهار عليك أن تلحق بهم وتنهي عملك قبل ذلك."

هيونكيل وهو يقف عن سريره :

"انت محق علي بأن اُسابقَ الوقت الآن."

يخرج هيونكيل وديوجين من الخيمة ويرمي عليهم الحرس المعاول ليبدأوا عملهم بتحطيم المباني والقطع الأثرية الثمينة.

عمل ديوجين وهيونكيل أكثر من البقية لأنهما يعتبران خطيران بالنسبة للاطلس ومستشاريه. لكن هيونكيل كان يمتلك جسدا قوياً مكنه من تجاوز كل الاختبارات التي وضعت له حتى الآن. بعد أن ينتهي الاثنان من التحطيم يعيدان المعاول المهترئة للحرس وهي شبه مكسورة.

يقول الحارس وهو غاضب لديوجين : "ياهذا نحن نمنحكم معدات من أموال الدولة وانتم تعاملونها كما لو كانت خردة !؟"

يحاول بعدها الحارس جلد ديوجين بسوطه لكن هيونكيل يمسك بالحبل السريع ويقول ويده تنزف من أثر الضربة:

"نعتذر عن ذلك سيدي لكن يقول المنطق أنكم لم تصرفوا درهماً على تصنيع هذه المعدات أصلا. فبعضها مستوردة والبعض الآخر تم أخذها من مخازن آرتيا القديمة"

يرتعد الحارس من قوة هيونكيل ثم يبعد سوطه وهو غاضب ويقول بتلعثم : "سوف اسامح العجوز هذه المرة لكن إياه أن يقترف حماقة مرة أخرى وهذا على مسؤوليتك أيها الشاب."

يبتعد الحارس بعدها. فيقول ديوجين لهيونكيل وهو مصدوم:

"هذا غريب هل تضن أن هؤلاء الجنود يحترمونك ياهيونكيل؟."

يقول هيونكيل وهو يتحرك لغسل يده من مياه دلو قريب :

"نعم ربما هم كذلك . هؤلاء لم يتم صرف رواتبهم لعوائلهم بسبب أن المستشارين كُسالى فيرمون اغلب عملهم على جمع المفكرين والاقتصاديين من دولتنا أمثالي أنا ولاوك. لذا كان هؤلاء الجنود بسبب تفاقم الوضع والاعداد الكبيرة سينامون معنا جنباً إلى جنب في الخيام لولا جهود المجلس التي هي جهودنا أنا ولاوك فقط."

ديوجين يقول لهيونكيل وهو قلق : "هل سيظل الوضع هكذا ؟ انت ولاوك تعملان بدون توقف كل يوم ولا تنامان بشكل كافي وهذا استمر لسنوات بالفعل. متى ستقرران فعل الصواب معهم؟"

يقول هيونكيل وهو يضع عبائته على رأسه ويتحرك نحو القصر الامبراطوري حيث يجتمع المجلس : "استمروا بأعمال الشغب انت والبقية واحتجوا أكثر واتركوا علينا أنا ولاوك الباقي."

يتحرك هيونكيل في شوارع المدينة وقبل أن يصل إلى القصر يدخل إحدى المكتبات فتخرج أمينة المكتبة وهي تقول له بخجل ورهبة : "سيدي الحكيم ماذا تريد منّا اليوم ؟ عناية طبية ام مثلما هو طلبك المعتاد ؟."

يقول هيونكيل وهو يشكر الأمينة: "شكراً لك على اهتمامك ياسيدة بياتريس لكني اريد فقط ورقة وقلم حبري مثل المعتاد"

بعد أن يأخذ معداته يخرج هيونكيل نحو القصر وفي ساحة القصر يرى اثنين من الناس ينتقدون التضاهرات اليومية والاحتجاجات ويقولان بينهما :

"من المستحيل أن تخرج هذه الاحتجاجات بفائدة. كل ما يفعله هؤلاء هو تحبيس المجاري وسد قنوات المياه وتحطيم المشامع ليلاً كي لا يخرج نور في المدينة. وغيرها من أعمال الشغب التي تعود عليهم بالضُر أكثر من ما تفعل لعدوهم. من المفترض لهؤلاء أن يصبروا لحين عودة الملكة من آرشيا بالدعم. مؤكد حينها سوف يتغير الوضع"

يقول هيونكيل ووشاحه يغطي وجهه خيفة من أن يراه أحد: "اعتذر عن تطفلي على نقاشكم سيدي لكن من الطفولي والعاطفي تمني الغيث بأمل زائف غير حقيقي لأنكم تأملون المساعدة من نفس الأشخاص الذين تركوكم سلفاً قبل خمس أعوام. إن لم ترتقوا باعمالكم الشخصية لتكونوا كفوئين باضهار انكم دولة واحدة صامدة لن يسقطها احتلال عندها فقط ستنظر مرة أخرى لكم آرشيا على انكم فعلاً دولة ذات قوة وسيادة تستحق الدعم وعندها الإمكانية على دفع ديونها من المساعدات. غير ذلك فأنتم ستصبحون عبيد آرشيا وستعود العائلة الحاكمة وتحرر الدولة باسمها ونعود ليتم احتلالنا من قبل ذوينا. عندها سوف نكون أناساً غير سويين. نحب أن نعامل بذُل لا بالكرامة."

يقول له الرجل الذي على اليمين بعد أن يستمع بتمعن لكلامه : "انت محق سيدي الفاضل المحترم. لكنك تطلب الكرامة بعد كل مامررت به هذه السنوات كأنها شيء يستساغ يأخذه من هب ودب. نحن شعب إيرتيريا دفعنا ثمن كوننا عظماء ومفكرين منذ زمن ولازلنا ندفعه فقط لأننا قررنا أن ننظر للعالم من السامية والفكر الذي نطمح به للأفضل. كلها احلام واهنة يأتي يوم وتندثر كما اندثرت إيرتيريا قبلها."

يتجاوزه هيونكيل بعدها ويدخل القصر بعد أن يراه الحارس

يقول ألرجل على اليسار : "إذا هذا كان هيونكيل... متأخر كعادته"

يذهب الاثنان للاحتجاج بعدها في الساحة.

يدخل هيونكيل قاعة الاجتماع ويجلس في الخلف مع كثرة المفكرين والسياسيين ويشكلون دائرة ضخمة حول الأطلس الذي بدوره كان يسأل مستشاريه في القاعة ويوبخهم أمام الملأ لأنهم لايحلون مشكلة الاحتجاجات التي لا تنتهي.

يقول الاطلس لأحد مستشاريه :

"انتم عديموا فائدة لاترجى منكم حلول. ابدأوا بسؤال مفكرين الدولة إذا كانت لديكم صعوبة في معرفة المشاكل التي تمر بها هذا ابسط حل ايها الحمقى"

يشير الأطلس نحو أحد المفكرين من إيرتيريا ف يسأله : "لماذا يعترض سكان إيرتيريا والحرس في الساحة ولماذا توجد اعمال شغب؟"

يقول المفكر وهو يصيغ كلامه بصعوبة لأن السيف على رقبته : "المجاري والتأسيسات تحت الأرضية ياسيدي البنية المعمارية التحتية للمدينة تحتاج تسليكاً عبر جبلـ

قبل أن ينهي كلامه يعطي الأطلس بإصبعه إشارة إلى الحارس ليقطع رأسه فيقوم بذلك ويسقط رأس العجوز على الأرض.

يقول الاطلس مرة أخرى: "انتم لم تفهموا الأمر على مايبدوا. لم اطلب منكم التباهي بعلميتكم أمامي. اريد شرحاً وافياً كافياً عن أسباب المشاكل ثم كيف نساعد الحرس في عملهم على الحفاظ على الأوضاع لا على كيف تعيدون قوة العبيد لدينا ليقيمون ثورة."

يصمت كل المفكرين ولا يفتح فمه أحد.

عندها يقول الاطلس وهو يصفع رأس مستشاره القصير : "احضر لي هيونكيل. اين هيونكيل الحكيم هؤلاء الحمقى اكل القط لسانهم. اريد هيونكيل الآن!."

يقول المستشار مونراخ وهو متوتر : "لكن ياسيدي نحن لا نريد لدجال مثله أن ينفرد بالكلام لأنه خطيـ

يصفع الاطلس رأس الاصلع مرة أخرى ويقول له بغضب: "حتى مع مكانتك الدينية إن لم تنفذ بكلامي ساجتز رأسك في ارض هذا القصر اليوم بنفسي!."

يقول له مونراخ وهو يحك رأسه: "سيدي هذا تأثير الشراب صدقني الأمر مختلف عندما يتكلم ذلك الشخص فهو يدفن في طيات كلامه ولاء لايرتيريا المُحتلة"

يخرج المخمور الأطلس سيفه ويضعه على رقبة مونراخ.

عندها قبل أن يحدث أي شيء يوقف هيونكيل كل الجدال والعبثية التي تحصل ويقول وهو يتقدم أمام الوزراء والحرس أمام كرسي الأطلس.

هيونكيل: "نعم ياسيدي الأطلس هل طلبتني؟"

الأطلس يضع نهاية نصله على الأرض في يده اليمنى وبيده اليسرى يبعد الخمر خاصته ويضحك

الأطلس: "هونكيل الحكيم!. أخيراً قد ظهرت يافتى آرتيا."

يبعد الأطلس سيوف الحراس عن رقبة هيونكيل بنفسه ويقول له وهو يأخذه ويشاوره في الأمر وهم يرون الساحة

الأطلس: "أخبرني ياهيونكيل مابال هؤلاء برأيك ؟ لماذا هم يرفضون الخنوع لسلطتنا؟"

هيونكيل : "هل عندك وسيلة لرؤية آرتيا من فوق ياسيدي؟"

يقول الاطلس: "بالطبع يافتى نحن نروض فراخ التنانين قبل أن تصبح همجية عندما تكبر."

يمتطي الاثنان إحدى التنانين ويرتفعان عاليا في السماء حتى يستطيعان رؤية آرتيا من فوق.

يقول هيونكيل :

"آرتيا ارض كبيرة جدا تحوي على جبل يربط مجاري قارة إيرتيريا كاملة عند الفيضانات قديماً كان يذهب الجنود ببعثات للدخول للجبل وفتح الحفر والصخور او الأتربة او اي شيء يعيق سير المياه التي تحمل الفضلات نحو المحيط.

لذا لم يتم تسليك هذه المجاري بعد نهاية الحرب بين إيرتيريا والاطالس.

بالنسبة للحراس وشعب آرتيا والجميع الآن هذا عبارة عن نذير شؤوم لمرض أكبر. فبدأ الآن الناس يمرضون الواحد بعد الآخر ويتسممون من المياه أو أن أراضيهم حتى تغرق."

يشير هيونكيل بإصبعه نحو جبل هيرقليطس

"الحل الامثل أن ترسل رجالاً معهم عدد في جبل هيرقليطس ليقوموا بإزالة الشوائب من المجاري النهرية.

أما بالنسبة للمشكلة الثانية فهي في توزيع السكان. الأراضي غير متساوية للجميع."

يشير هيونكيل إلى القصر فيقول : "القصر حيث انت والوزراء والخدم تعيشون برفاهية هذا صحيح لكن الحرس بدورهم يعيشون في الساحة التي دوما تكون محفلاً للنقاشات والتبضع في الأيام العادية لذلك جنودك متعبون ياسيدي من الأفضل لك أن تجعل في جهة الجبل الأسواق ليستريح الجنود في معسكراتهم في الساحة الملكية كما يشائون.

أما بالنسبة لأهل الأحياء الفقيرة أو الرهائن من الدولة والمحتجزين من آرتيا فهم في موضع ممتاز لكن تتم مضايقتهم الكثرة العددية للحراس. حيث يتم أخذ خيامهم في العادة."

يقول الاطلس وهو يضحك : "انت جيد جداً في هذا لم يخب ضني بك. لكن لماذا طول هذه المدة لم يتحدث لي احد عن مافي الأمر هل يعقل أنك الوحيد من فكر بذلك؟."

يقول هيونكيل : "كلا سيدي الأمر أنه فقط العنف هو ما ارعب المفكرين في المجلس. أنا وبكل صراحة اعترض على تلويث مجلس مقدس مثل القصر الامبراطوري بدماء مفكريه. كنا دوما نتبادر الآراء بحرية مطلقة بدون أن نواجه مشاكل الخوف من الخطأ"

الأطلس: "الخطأ غير مقبول لانه يصنع مشاكل أكثر"

هيونكيل : "الخطأ هو بداية النجاح. كبت الخطأ في خاطر الإنسان لا يولد إلى العناد في الرأي مما يجعل الإنسان يتقوقع على رأيه الخاطئ خوفا من عنف المجتمع. أنا إنسان ولدت لاخطأ واتعلم وأكون افضل. لولا الخطأ لما كنت أنا هيونكيل الحكيم."

يقول الاطلس : "كلام فذ ودقيق لكن هذا غير مقبول لأنك تتحدث عن نظام الحكم. أنا احكم برجالي ومستشاري ولا يخرج شيء عن سلطتي."

يقول هيونكيل : "الخطأ يعود على رجالك سيدي"

يضرب الهواء وغروب الشمس الحوار حولهم فيزداد توهج هيونكيل وهو يلفض كلماته الرزينة

هيونكيل : "لكي تكون كلماتك أدق عليك بالاقتراح دوماً. وزرائك ومستشاريك قليلون. فهم لايكفون لتنظيم الدولة. عليك بجعل دستور قانوني ينسق الأحوال القضائية والاقتصادية في الدولة. ثم المدنية تأتي أخيرا. ثم تنظيم وزارة حقيقية أو عدة مستشارين في الدولة مثلا مستشار الزراعة والاقتصاد والقضاء ولكل سلطة عليك بجعل مستشار."

يضحك الأطلس ويقول وهو متحمس : "إذا أنت سوف تكون مستشار العدالة. أو كما سميته انت وزير العدالة. سوف تنظم بنفسك كل ما ذكرت وامنحك بعض الصلاحيات لإنشاء بعض المشاريع الإصلاحية في الدولة."

يصدم هيونكيل من سهولة الأمر. رغم أن مشروع بناة الدولة بعيد المنال لكن هذا اقرب للصواب لذا يضحك هيونكيل ويقول للاطلس: "انت مثير للاهتمام ياسيدي. اتمنى لو انك لم تكن مخمورا فعلاً"

عندها يهبط التنين بالاثنين نحو ارض القصر مجددا ويعود الحراس ويطوقون هيونكيل بالسيوف ينتهي الاجتماع ويعود هيونكيل في الليل

نحو الأحياء الفقيرة. يحييه الحراس والجنود والسكان. كان يحصل هيونكيل على احترام حتى من أعدائه. ثم بعد أن يصل للخيمة بجد ديوجين ورأسه مشدودة بضمادة جروح لأنها تنزف حتى عينه.

يقول هيونكيل: "اذا ماذا خسرت هذه المرة عينك ام جزء من دماغك؟"

ديوجين: "لحسن الحظ اخطأني السهم فاصابني إصابة سطحية ولم امت لكن عيني قد أصبحت تالفة."

هيونكيل بدأ بالكتابة وضوء الشمعة مازال ينير الخيمة.

قبل أن يطفأه ديوجين يقول هيونكيل : "لاعليك منذ الآن فصاعدا ستكون الحراسة فقط على بوابة الحي لم يقترب الحرس من الخيام بعد الآن لأنهم تمركزوا بالساحة."

يقول ديوجين : "اتعني أن الأسواق قد تم نقلها ؟"

هيونكيل : "نعم نجح الأمر ستقل على اثر ذلك الاحتجاجات المحلية والسكانية صحيح لكنني منحت إذنا بإقامة وزارة للعدالة. لذلك من الآن فصاعدا سأجعل من هذه الخيمة هي صندوق شكاوي آرتيا الرسمي."

ديوجين : "انت مخبول أليس كذلك؟."

هيونكيل: "حاول أن تعتاد على الضوء من الآن فصاعداً وانت نائم."

يبدا هيونكيل بالكتابة في الورقة. :

"إيرتيريا كانت لمدة زمنية طويلة تحت حكم مجلس شيوخ وإدارة حاكم من قبل نسل العائلة الملكية الحقيقية. سوف اسجل اليوم في هذا المبحث كل جرائم العائلة الملكية بحق دستور إيرتيريا واصحح ماورد من اخطائهم لتتناسب مع الدستور الحالي للبلاد."

يتبع.

End of ch2.

Vol.1

More Chapters