في وضح الفجر من ذلك الأحد.
اصوات خربشة القلم الحبري على الورق ملأت الشوارع الهادئة بالضجيج.
عم النور المكتبة لطيلة الليل من ذلك اليوم ولم تنطفأ الشموعُ أبداً.
في الداخل كان هيونكيل لايزال يكتب وهو ينقل الدستور من إيرتيريا أيام أبولو الكبير.
هيونكيل : "والآن ها نحن ذا. اعتقد بأن هذه المادة أخيرا التي بحثنا عنها طويلاً يابياتريس. قانون الضريبة الكلية."
تنهدت الفتاة المتعبة ورمت السجلات بعيداً من الفرح وغمرت نفسها على الطاولة وهي مُتعبة.
بياتريس : "اخيراً سأحصل على القليل من النوم. عليك بنفس الشيء ياهيونكيل فأنت مستيقظ من مدة طويلة."
جمع هيونكيل الاكوام من الأوراق التي ستصبح الدستور الجديد
هيونكيل : "في الحقيقة تبقت ساعتان فعلاً على بداية رحلتنا إلى آرسيا. لا استطيع الراحة ابدا في هذه المدة يابياتريس."
كانت الفتاة النحيلة مرتاحة وقالت بتنهد
بياتريس :"نعم انت مشغول فعلاً ايها الحكيـ...
تقف على قدميها وهي مصدومة وخجلة
بياتريس:"ماذا ؟!!!! نحن؟؟ سيدي أرجوك فكر في الأمر قليلاً. اعني أن السيد ديوجين مثقف أكثر مني لربما لديه معرفة اكبر في علوم الاقتصاد. ثم أنا لم آخذ اي قسط راحة. قد اكون عبئ عليك!."
ضحك هيونكيل وتبسم
هيونكيل :"العم ديوجين وانا نشكل فريق رائع في الأعمال الحرة. لكن لا أضن بأنه يفضل الرياضيات كثيراً. وانا لا أضن بأنني استطيع ان اتناغم بسرعة مع غيرك سيدتي لديك اسلوب إلقاء رائع."
تتوقف بياتريس عن التشكي بعد أن سمعت كلام هيونكيل.
وقفت هناك للحظة ثم ضحكت بتفاخر
بياتريس :"حسناً إن قلتها هكذا فلن استطيع رفض طلبك ياسيدي المحترم."
يقاطع الحوار الصغير اللطيف صوت عجوز مترهل
ديوجين :"سيدي هيونكيل اعتذر عن مقاطعة أجواء العمل بينكما لكن اتيت كما أردت مني."
هيونكيل :"توقيت مثالي ديوجين. ستحرس المكتبة أثناء ذهابنا أنا وبياتريس إلى آرسيا . ستكون رحلة صعبة لنا ومسؤولية صعبة عليك لكن لاتخف كل هذا في سبيل بُزوغِ فَجرِ الفَضيلةِ مرةً أُخرى على إيرتيريا."
يحس هيونكيل بعدها بثقل على كتفه.
ف يرى بياتريس نائمة بهدوء ومستلقية على يده.
يغطيها بعبائته المتواضعة ويقوم بحمل الفتاة إلى العربة ويطلب من ديوجين التصرف بهدوء وروية أثناء تحضيره للعربة خوفاً من أن يجعلها تستيقظ.
هيونكيل :"يبدوا بأنني سأكون اسير وحدتي لمدة في هذه الرحلة."
ديوجين :"لاعليك ياسيدي أنا متأكد بأن السيدة بياتريس سوف تستيقظ في وقت قريب."
تتحرك. العربة بعدها إلى آرسيا من الطريق الصحراوي وتبدأ رحلة هيونكيل وبياتريس نحو آرسيا.
في مكان آخر. وتحديداً في المجلس الإمبراطوري في آرتيا بعد ساعات من مغادرة هيونكيل وبياتريس لها.
كان الأطلس يراجعُ مع رجاله آخر الأحداث وقام باجتماع طارئ بعد أن أعلن الحرية لهيونكيل بالقيام بنظام الوزارة.
قال الأطلس ذو اللحية الكبيرة والشعر الخفيف وهو يتحرك بجسده القصير بسرعة يميناً وشمالاً ويفكر
الأطلس:" لقد كانت حادثة. كيف لي ان ادع ذلك الوغد أن يتحايل علي. لقد كنت اشرب لكني لم أضن أنني سوف اسكر بهذه السرعة. لا بد من أن أحدهم وضع اي شيئاً في ذلك الشراب وجعل عقلي يصاب بالدوار بسرعة".
ينظر الأطلس إلى مونراخ وهو متوتر
الأطلس:"إذا هل هذا يعني بأننا مضطرون للقيام بوزارة فعلية ؟."
مونراخ :"للاسف سيدي الأطلس هذا صحيح فهذا قرار موافق عليه من قبلك وعليه شهود."
الأطلس:" حسنا إذا لنقم بانتخابات من السهل الجزم بأن لا احد سينتخب شخصاً كفوئاً من هذه الأمة."
انتهت نتيجة التصويت في عصر اليوم بسرعة بفوز هيونكيل.
الأطلس وهو يستشيط غضباً :"هذا غير منطقي. لماذا لايقوم البوربون بتزوير هذه النتائج؟؟؟!!."
مونراخ :"سيدي لانستطيع ذلك فـ
يقاطعه صوت خشن وغليظ من وسط القاعة ويقول بكلمات واثقة ومتبجحة.
:"انت من قال في مرسوم البوربون سنة 136 قبل خمس سنوات انكم دخلتم إيرتيريا مجددين لافاتحين تسعون لبناء الحضارة التي سعى لها ابولو الكبير من جديد."
وقف الأطلس وسيفه يخرج من غمده ويخاطب صاحب الصوت بغضب
:
"ومن انت يا هذا لتُملي علي الكلام!! لاتدعني اذكرك بأن رقابكم بمساواة ماتملكه الخنازير من اعناق عندي!"
نظر الجميع نحو ذلك الرجل الضخم وهو يعطي المرسوم المسجل لمونراخ.
أخذ مونراخ المرسوم
مونراخ:"سيدي هذا الرجل مُحق... إنه لاوك ياسيدي..."
الأطلس:"وماذا في ذلك؟!!! اجلبوا رأسه لي."
مونراخ:"سيدي لقد وقع هيونكيل قبل ذهابه إلى آرسيا أنه سيقوم بترك لاوك ليخلف مكانه في آرتيا. هذا يعني اتصالاً مباشرا بالوزارة وتنفيذ كامل للقرارات الصادرة.."
الأطلس:" اللعنة سبقنا بخطوة... على أية حال .."
امسك الأطلس الورقة ومزقها ورماها أمام لاوك وهو يضحك بشدة.
الأطلس:"لن تكون لهذه الورقة قيمة لأن هيونكيل لن يستطيع ابدا ان يكتب دستورا كاملاً ويثبت جرائم عائلة اولمبيا في نفس اليوم كما وعد في مرسوم استلام الوزارة."
اظهر لاوك المرسوم المنقول من وزارة العدل الحديثة وقال بصوت شجاع سمعه كل من في القاعة.
:"القانون 201 من مسلة قوانين ابولو الأكبر في اولمبيا من عام 120 الموثقة لموافقة حكم وزارة العدل لسنة 141 من يوم الأحد.
ينص من ضمن مواده على أن تخريب سجلات حكومية رسمية يؤدي إلى عقوبة وفرض ضريبة مالية كبيرة على المفتعل تصل إلى الحبس. وموفق القرار من مجلس إدارة البوربون في آرسيا قبل ساعتين.
أيها الأطلس الراين الأول. بسم وزارة العدالة التي وافقت عليها بنفسك اعلنك مرتكباً للجريمة أمام الشهود العدة ومخالفاً لقولك في خطاباتك الرسمية وتوجه العداء الغير مبرر نحو شعب إيرتيريا لذا احكم عليك بالغرامات
100 مليون إصلاحات الأكاديميات والمناطق الفقيرة وإعادة تأهيلها للسكان ليصبحوا قادرين على خدمة تعاون إيرتيريا مع الإمبراطورية الأطلسية في آرتيا وآرسيا. ورفع الرقابة الشديدة في آرسيا وسحب القوات جنب جبل هيرقليطس وتسوية الخلافات بين الحاكم والحارس ومد الجنود بالمؤن بشكل يومي لمعافاتهم في أعمالهم وتحسين مزاجهم."
قاطعه صوت الأطلس المتغطرس وهو يبصق الدماء في طيات كلامه
:"وماذا قد يحدث إن رفضت كل هذا؟؟؟ لاتغتروا بأنفسكم لأن مجرد لديكم سلطة تعود لكوني احكم بالعقيدة!. لن ارحم ايا من كان إن وقف في وجه سلطة حُكمي!"
قاطع لاوك كلامه للحظات وقال بجرأة وعزيمة.
: " إذاً فْهي إبادة!!. لن يخضع شعب إيرتيريا بسهولة وعلى الأقل لن تعيش انت لرؤية ذلك يحصل لأنك ستخالف ماجاء في نهج وكلام عقيدة الاطالس في الحكم التي جئت تُردد بها دوماً في بعد اجتياح آرتيا !!."
عدد لاوك تلك المتطلبات بدون خوف وتحدي رسمي حاد ضد الأطلس وحيوانيته التي يمارسها في أسلوب حكمه من ما أثار غيض الطاغية وغروره فصرخ بغضب وهو يحاول أن يقاطع لاوك مرةً أُخرى
:"احظروا لي الأوراق!! اريد ان ارى الختوم عليها حالاً"
صُعق وزراء مجلس البوربون ومن ضمنهم مونراخ من هول الاوراق سجلات كاملة بأوراق عديدة مختومة وموقعة باحترافية تامة من قبل وزير العدل الرسمي هيونكيل حكيم آرتيا بن ارسازوس.
جلس الأطلس غاضباً ومحمرا من شدة الغضب ثم تحطم كبريائه واجهشت عينه بالبكاء أمام الملأ وهو نادم وجالس بصمت.
ضرب لاوك الأوراق الممزقة في الأرض بعصاه وهو يحاول أن يتلمسها ويتحسسها ثم جمعها بيده وهو يحاول عدم صدم الأشياء أمامه.
جلس في مكان فارغ وراح يعيد كتابة القانون في ورقة جديدة ليعيده لنسخته من الدستور.
ضحك مونراخ وهو مبتسم.
التفت له الأطلس بعد أن هدء وهو مستغرب
الأطلس:"هل مايحدث يسعدك؟"
مونراخ :"لعل مايسعدني حقاً ياسيدي هو رؤية ذاك الكسيح الذي لا يرى بكل ولاء للواجب يعيد كتابة مادمرته أيدينا نحن المخربون."
صفع الأطلس راس مونراخ بهدوء وتنهد بحزن
الأطلس:"لاتعترف بها أمام الملأ يا احمق."
جلس لاوك بعدها يساع د
اهل آرتيا في أعمالهم في الخيام. عندها جائه مونراخ بنية التودد
مونراخ :" ايها الفاضل لاوك. انت نبيل من آرشيا ياسيدي لماذا تساعد حفنة الذباب التي تجوب الشوارع هنا؟ مارأيك بأن تأتي لتقيم الليلة في القصر الإمبراطوري وتدعنا نحتفل بك ونشكرك جيدا على عملك في آرسيا في الآونة الأخيرة."
ابتسم الكسيح بود وطيبة أثلجت صدر مونراخ المتوتر للحظة
لاوك:"شكراً على اهتمامك سيدي لكنني اشتقت لآرتيا حقا. اريد قضاء اليوم بمراجعة معارفي العلمية في مكتبة الإمبراطورية."
صُدِمَ مونراخ من الرفض وفي نفس الوقت من طريقة الرفض الخلوقة. وثم عبس قليلاً وهو متفهم .
مونراخ : "حسنا انت حر في ماتفعل سيدي الفاضل لكن ارجوا أن تقبل منّا إعطائك بعض الطعام لأن موعد الوجبات قد فاتك بالفعل. وفي هذه المنطقة الحشرات تاكل كثيراً أكثر من ما تتخيل."
لاوك:"شكرا لك ساقبل هذا برحب صدر."
انتهى لاوك من العمل بعدها ذهب ووزع الطعام الذي أخذه من مونراخ على أطفال القرية بالتساوي. وذهب للمكتبة في نفس الليلة.
دخل ورأى أمامه صديقه القديم من ايام ابولو الأكبر. ديوجين.
تصافحا وتبادلا أطراف الحوار كثيرا ثم جلس لاوك بعدها وحيدا في تلك الليلة بعد أن نام ديوجين على طاولة الاستقبال.
نظر لاوك إلى القمر من الشرفة.
واحس بطول الليل والهواء يغمر بشرته.
لم يكُن يرى ذلك الكسيح اشكال الناس المادية.
لكنه استطاع اكتساب معرفة أشكالهم الماهية.
فرأى القمرَ كالبياض الذي يضيء صفحته المتعثرة.
وراح يعزفُ بالقيثارة الأنغام تحت ضوئه الخلاب.
حتى جادَت انغامُه مسامع أهل آرتيا بأسرها.
يُقال أنه في ذلك اليوم الذي أتى فيه لاوك قد نام حراس الأطلس لأنهم أحسوا بالأمان لجانب سكان مدينة آرتيا.
يتبع.
End of chapter 2.
