بزغ ضدوءُ فجرً جديد على سماء إيرتيريا.
دخل نسيم الهواء العليل البارد بين الأزقة ومقاصد الطرق الضيقة.
على الأعالي حلقت الطيورُ تُغردُ احتفالاً ببداية يوم جديد.
نطحت السحاب ثم استقرت فوق أحد المباني الشاهقة والفخمة البيضاء مبنية بطراز وشكل اغريقي مرصع بالذهب.
كانت كل مباني المدينة تقريباً جديدة وجميلة وبنفس التنسيق مع ذلك المبنى.
حيثُ الحدائقُ والنافورات في كُل مكان.
كأنها جنةٌ أخرى سكنت بقعة منها في قعر الأرض.
بدأ الناس في الأسواق المجاورة المكتضة ببداية أعمالهم اليومية.
بينما مشى الطلاب إلى الأكاديميات والمدارس وهم منهكون مثل أي طلاب في يوم عادي طبيعي.
وبدأ المعلمون والمفكرون بالتدريس ورن الاجراص معلنين بداية اليوم.
نظر رجلٌ يرتدي قناع وعبائة تغطي جسده من فوق قصره الفخم في آرتيا إلى الناس وهم يبدأون يومهم.
كان ذلك الأطلس الراين.
كان يقرأ كتاباً وهو يخلط السُكر في شايه الساخن.
صمت للحظة ثم رفع عينه قليلا وهو ينظر إلى ساحة آرتيا.
الأطلس:"قبل خمس سنوات.
بعد نهاية الثورة.
لم استطع تنظيم جيشي والعودة إلى أراضي الاطالس المبعثرة.
الآن أنا أحاول التأقلم في إيرتيريا ودعم نظام الحكم فيها كثمن للعيش.
كان بقائي اصلا جزء من خطة لاوك. لقد عرف أنني لن اخرج من هذه الدولة قبل أن يظهر لي المشيب في شعري.
"
اغلق الأطلس كتابه وطلب واحداً اخر لانه انتهى من هذا الأخير.
قال مساعد الأطلس بتردد :"سيدي هذا كتاب في اللغة الايرتيرية هل انت متأكد من أنك تستطيع قرائته؟؟"
الأطلس:"لقد تعلمتها من هيونكيل منذ مدة."
أخذ الكتاب ثم نظر إلى المساعد بتدقيق.
الأطلس:"هل انتهيتم من المهمة التي طلبتها منكم؟؟."
حرك المساعد رأسه وهو يقصد الإجابة بنعم.
:"نعم سيدي لقد أصدرنا كتاب فنون الحرب في إيرتيريا وكتب الاحياء والعلوم المصنفة وكتب مبادئ الفلسفة كما أمرت."
ابتسم الأطلس
الأطلس:"على هيونكيل ان يكون الآن سعيداً. فاليوم تكون مكتبة آرتيا هي اكبر مكتبة تحوي علماً بفضل تسجيلاته ومجلداته.
على أية حال اين هو الآن ؟."
قال المساعد وهو مبتسم
:"في مكانه المعتاد ياسيدي.
تلة شهيد آرسيا."
تنهد الأطلس قليلا.
الأطلس:"إذا الرِحالُ إلى آرسيا هاه؟؟.
اخبر المستشار بأن يتولى زمام الأمور وحظر الاحصنة."
قال الجندي بحماس :"
حاضر سيدي."
خلع الأطلس قناعه وبقي في عبائته وهو يتوجه مع مساعده في رحلة إلى آرسيا.
إلى حيثُ يجلسُ حكيم إيرتيريا كُلها.
كانت آرسيا جميلة في هذا اليوم.
مضائة بأنوار تمتد على المباني الشاهقة الجبلية .
والمصانع المجددة والمعسكرات المكتضة تعطي طابع روماني اصيل.
مع مظهر لائق المدرج العظيم الذي حدثت فيه اقوى ضربة للثوار.
وصل الأطلس إلى التل.
ورفع عينيه إلى أعلاه فرأى رجلاً جالساً تحت تمثال أبولو.
كان مستلقيا يضع عصاه ليسند يده بها وهو يتأمل بعينين مغلقة.
كان يبدوا وكأنه في منتصف العمر.
جسده قصير ونحيل ولديه لحية خفيفة نما عليها الشيب بالفعل.
شعر بني مقصوص ومجعد إلى الوراء.
يرتدي كفناً ابيضاً وسترة جلدية خفيفة ويلف وشاح واقي حول عنقه.
كان ذلك هو هيونكيل.
اللقاء.
نظر الأطلس نحوا الشاب المتأمل.
رفع العبائة عن رأسه
الأطلس:"ماذا تفعل هنا وحدك وماقصة هذه اللحية؟."
نظر هيونكيل بهدوء جهة الأطلس.
هيونكيل :"لاشيء ياسيدي. أنا اجلس كل يوم هنا اتذكر وافكر بصمت."
الأطلس:"كتبك الآن أصبحت متوفرة في مكاتب الإمبراطورية أليس هذا خبرا سعيداً ؟."
هيونكيل :"كانت ابحاث وعلوم أناس قبلي. لماذا افخر بشيء نقلته فقط؟."
الأطلس:"على الأقل إنه افضل من الزُهد بعيدا عن الناس والتأمل الفارغ."
هيونكيل :"في الحقيقة كنتُ أفكر في موضوع المياه في آرتيا."
نظر الأطلس إلى هيونكيل بحيرة ثم حك رأسه
الأطلس:"كنت افكر بنفس الشيء. لكن لماذا لاتكفُ عن التفكير في من حولك. لماذا لا تقوم بشيء واحد لنفسك على الأقل انت تزعجني بطريقة تفكيرك هذه."
فتح هيونكيل عينيه بهدوء نحو الأطلس وبنظرة فارغة من السعادة.
هيونكيل :"في الحقيقة أنا لا أرى بعيني سوى أهمية شعب إيرتيريا. لأن السعادات والملذات التي يتمنونها ترسم البسمة على وجوههم اليوم. وتصنع لهُم أملا جديداً لإكمال ماتبقى من حياتهم.
أما أنا فأنظر لهذه الإبتسامة. وابتسم لأنني من حققت هذه الفضيلة وجعلت اولئك الناس سعيدين.
الملذات الدنيوية سعادة جزئية. أما الفضيلة المطلقة هي الهدف الأسمى وحكمة السعادة."
الأطلس :"نعم نعم ارشقني بالمثاليات لتتهرب من الواقع.
على أية حال كنت أحلم بالعودة إلى دولة الاطالس اليوم.
وانا املك سلاحاً عجيباً يشبه السهم قوي وفتاك بأمر واحد لهذا السلاح استطيع قتل جندي كامل وبسرعة وقوة فتاكة.
لذا اتيت لاستشيرك في الموضوع."
امسك هيونكيل بعصاه واوقفها بشكل عمودي.
نظر إلى الأطلس وكأنه يفصل بين جانب وجهه المحترق وجانبه الطبيعي.
هيونكيل :"هل تعرف قصة أسطورة ياگون يا أطلس الراين ؟."
نظر الأمبراطور المُحترق نحو الحكيم بهدوء. ثم تبسم وضرب نسيمُ الهواء العليل وجهه.
الأطلس:"كلا يا أستاذي. أروي لي هذه القصة من فضلك."
جلس الأطلس بجانب هيونكيل واصغى لكلامه بشكل جيده ويداه تتقاطع على صدره.
أبتسم هيونكيل ثم بدأ يروي وقال
:
(ياگون)
"في قديم الزمان. اثناء فترة حكم أبولو الكبير.
يُقال أن أرض إيرتيريا في الأصل كانت أرضا شاسعة.
كبيرة وفيها نهر كبير.
كانت الحيوانات الأسطورية والغزلان تعيش وتَقتاتُ من أراضي إيرتيريا والنهر العظيم.
حتى سكنوه وأصبح لهم مأوى.
كان البشر في المنطقة قليلون جداً. وكانوا متعايشين مع هذه المخلوقات بسلام.
حتى جاء في يوم من الأيام
زائرٌ من الشرق.
كانت مخلوقات كبيرة وقوية.
لديها أجنحة ك أشرعة السُفُن.
تُحلق بها في السماء.
كانت أنفاسُها إن نُفخَت أحرقت كُل شيء في طريقها حتى الأراضي والصخور.
جائت ومعها كنوز كثيرة وقامت هذه المخلوقات بالاستيلاء على المنطقة.
حيثُ حفظوا كنوزهم في ذلك النهر الكبير ودفنوه عن أنظار كل المخلوقات.
ثم بدأوا بقتل كل شيء يرونه أمامهم حتى أصبحت الأرض تُسقا بدماء تلك الحيوانات.
لكن رجُلاً في أعماق كهوف جبل هيرقليطس استيقظ.
كان ذلك هو ياگون.
ياگون كان سيد هذه الأراضي.
ولد في هذه القارة مع كم البشر الوحيدين من أسلافه.
ودربه رجلٌ يُسمى هيرقليطس.
كان ياگون يحمي هذه الأراضي من اي خطر
ويدافع عن الحيوانات.
اشاع عدالته الخاصة.
وحكَم حقبة سلام رائعة.
لكن معلمه هيرقليطس مات يوماً.
فدخل ياگون إلى الكهف وضل ودفن معلمه فيه.
يُقال أن ياگون ضل يبكي على معلمه حتى اُغمي عليه ودخل في ذلك السُبات.
عندما استيقظ ياگون وجد أن هذه المخلوقات بدأت تحاول دخول الجبل ظناً منهم أنه قد يحتوي على كنوز أسطورية.
استشاط غضب ياگون وقام بقتال المخلوقات وذبحهم في سيفه.
ولكنه خرج بإصابات بالغة.
وفي المقابل بعد أن تطلخ سيفه بدماء التنانين أصبح السيف حاداً قوياً واضخم يقطع كُل شيء تراهُ عينك.
حتى أن ياگون أصبحت لديه قوة تحقيق المعاجز به.
وبمجرد أن خرج من الجبل.
وجد أن الحيوانات كانت تدافع عن معبر الدخول وجثثهم في كل مكان.
دافعوا عن سيدهم بحياتهم.
عندها غضب ياگون لدرجة أنه عندما انتهت معركته ضد التنانين لم يتبقى منهم اي احد.
قام ياگون بعدها بإعادة الأراضي على حالها لكن النهر الأسطوري اختفى واختفت معه كنوز التنانين.
ثم في آخر ما كان يملك ياگون من قوة قام بتمني اختفاء سيفه.
وأن الشرط الوحيد لامتلاكه هو شخص جدير يملكُ الفضيلة المُطلقة."
فتح هيونكيل عينيه ونظر إلى الشمس
هيونكيل :"قالت الأسطورة أنه إن عثَر عليكَ السيف عندها سوف تستطيع أن تتنبأ بثلاثة نبوئات وتستطيع تغيير المستقبل بفضلها."
الأطلس:"استطيع استباق الحديث والقول بأنك تصدق القصة صحيح؟."
هيونكيل :"في البداية كنت اظن بأنها خرافة. لكن بعد رؤيتي لشعب الاطالس عرفت بأنها صحيحة.
التنانين جائت من أراضي الشرق ما وراء البحار.
حيثُ دولة الاطالس.
لذا اعتقد بأن كنوزها جائت من هناك"
الأطلس:"كنا في الماضي نصطاد التنانين ونطردها من أراضيها لأنها مفترسات متوحشة.
اسلافي في الماضي قتلوا من التنانين مايكفي لطرد بقيتهم نحوا جهة ما وراء البحر.
ولكنهم بدورهم هاجمونا وسرقوا كنوزا عديدة من التي لدينا واختفوا."
وقف هيونكيل وهو والعصا في يده.
هيونكيل :"إذا. هل نبحث عن سيف ياگون.
ام نجعله يبحث عننا؟."
نظر الأطلس بهدوء نحو جهة الشرق وثم إلى آرسيا.
الأطلس:"ماذا رأى برأيك ابولو؟.
هو أيضا امتلك سيف ياگون.
وقبله هيلكياس ذو الرداء الأحمر."
هيونكيل :"أبولو أصبح امبراطوراً عظيماً قاد أمته إلى المجد.
هيلكياس أصبح رمزاً للثورة والأمل وعدم الاستسلام.
الم يكسب برأيك هؤلاء مايكفي؟ برأيي أنهما لم يكونا بحاجة لنبوئات السيف."
الأطلس:" إذا أين برأيك السيف الآن ؟."
رفع هيونكيل إصبعه لجهة جبل هيرقليطس.
هيونكيل :"في وطنه الأُم."
تنهد الأطلس بخيبه لأنه وصل تواً إلى آرسيا لكنه جمع شتات نفسه وبدأ الترحال مع الحكيم.
في الطريق انضمت بياتريس إليهم لأنها أرادت مرافقة هيونكيل.
رحلة إلى أرض النبوئات.
كان الثلاثة داخل الجبل.
تسلقوا أغلبه ودخلوا من المعابر والنتوئات إلى داخله.
كانت بياتريس متشبثة اغلب الوقت بهيونكيل وعند التسلق تصعد على ضهره.
اشمئز الراين من تصرفات الفتاة لكن في أحد الطرق الوعرة نزلت بياتريس لتشرب بعض الماء من نهر جاري.
نظر الأطلس إلى هيونكيل وضرب كتفه.
الراين :"هي هل تريد الزواج من هذه الفتاة؟."
استغرب هيونكيل من السؤال
هيونكيل:" لا أعلم. لكن اظن بأنني سوف أحب أن اسألها إن كانت تريد الزواج بي وليس العكس."
ابتسم الأطلس بسبب هذه الإجابة
ثم نظر إلى هيونكيل وهو قلق من شيء
الأطلس:"هل مازلت حزيناً على ماحدث قبل خمس سنوات.
مات هيلكياس ولاوك رفيقاك على يد رجالي."
تنهد هيونكيل ولان صوته بنبرة حزينة.
:
"ورأيتُ من الدنيا العجبَ حتى قُلتُ أن الفناء للناس أوهامْ
فرأيتُ العُمرَ يَركضُ بِنا يوماً صارخاً أن الموتَ للإنسِ جوابْ .
ما الزوالُ إلا الصوابُ لكل مخلوقٍ فآنْ.
وما للفضيلةِ يوماً زوالْ."
نظر هيونكيل بابتسامة متعبة إلى الأطلس.
:"الآثار تبقى ياسيدي.
لكن أهلها يبقون في الذكرى فقط."
يمسك هيونكيل بعدها بيد بياتريس ويحملها ضهره ويكمل السير.
بينما الأطلس ورائه كان يراجع الكلمات والموعضة والقشعريرة سلبت جسده كله.
سأل الأطلس وهو مستغرب
الأطلس :"لماذا لديك طموحٌ هكذا؟.
لماذا انت على صواب دائماً.
أنا لا افهمك حقاً."
ابتسم هيونكيل
هيونكيل :"إن كنت تراني على صواب دائماً فأنا أشكرك على ذلك.
لكنني في الحقيقة إنسان.
أنا أيضا ليس لدي جسد يتحمل قتال التنانين كجسد ياگون.
وليست لدي الحنكة العسكرية والخطط كما لدى لاوك.
ولست املك الشجاعة التي امتلكها هيلكياس.
ولا املك شخصية ابولو والاطلس العظيم.
ولكنني إنسان.
وهذا مايميزني.
أنا حفظت علومهم وأفكارهم لاسجلها للأجيال التي بعدنا.
أنا مفكر موسوعي فقط ولست مطبق.
لكنني إنسان."
قاطعت بياتريس حيدثه بسؤال.
بياتريس :"لماذا كنت تبكي دوماً على أعدائك ؟ هل المونراخ برأيك شخص يستحق الشفقة؟."
رد هيونكيل بهدوء
هيونكيل :"المونراخ ليس شرير.
إنه إنسان كذلك.
لكن فعلته في سبيل النجاة كانت شريرة لذلك نحن كرهنا فعلته لكن هذا ليس مبرراً لكرهه."
وصل الثلاثة إلى غرفة حيث أصبح صوت هيونكيل كصدئ يملأ الكهف والمياه حوله تتساقط من الأعلى كالمطر.
هيونكيل :"الكراهية هي المرض الحقيقي.
إن الإنسان الشرير حقاً الذي يكره ويقتل في سبيل الكراهية الشخصية وليس كره الفعل والعقاب."
الأطلس:"وكيف عرفت ذلك؟."
هيونكيل :"أنا كرهت في الماضي.
كنت شريراً كذلك.
أنا لست شخصاً كاملاً كما تعتقدون ياقوم.
لكنني مجرد تائب."
دخل الثلاثة إلى حجرة في الكهف حيث الضباب يملأ المكان.
عندها صُدم الأطلس.
رأى علامه بكف دماء على كفن هيونكيل.
الأطلس:"ماهذا؟؟."
ابتسم هيونكيل
هيونكيل :"هل لاحظت أخيراً ؟.
نعم ياراين. أنا الغزال الدموي."
تقدم هيونكيل بخطوات فتحطمت الأرض تحته ومنعت الراين من الوصول إليه.
عندها نظر هيونكيل من الجهة الأخرى للجسر إلى الأطلس.
هيونكيل :"يبدوا بأننا قريبون من الحقيقة."
الأطلس حك رأسه بغضب وصدمة.
الأطلس:"هل حقاً تكشف عن سبب كافي لقتلك فقط لتستطيع استدعاء السيف ام انك تتصالح مع نفسك أمامي ؟."
هيونكيل :"في شروط أن يكون الإنسان فاضلا هو أن يكون سوياً متصالحاً مع نفسه.
أنا الغزال الدموي أنا هيونكيل وسوف اتقبل ذلك."
مد هيونكيل يده بطريقة شاعرية للتعبير عن الموضوع.
عندها نظر الأطلس بغضب أشد ثم تنهد ومد يده كذلك.
الأطلس:"اقبل مُصالحتك بشرط."
هيونكيل :"وماهوا شرطك؟."
الأطلس:"أن تعطيني الفرصة للحصول على نبوئة من النبوئات الثلاثة."
هيونكيل:"حسناً لك ذلك. قابلنا في قمة الجبل."
عندها تهدمت الغرفة وشق هيونكيل مع بياتريس طريقه إلى القمة.
تحرك الأطلس الراين الطموح وحيداً متأجج بالفخر.
عندما وصل الثالثة وجدوا أن سيف ياگون مغروس في قمة الجبل.
وضعت بياتريس يدها على مقبض السيف.
بينما وضع هيونكيل يده على العارضة.
ومن وسط الضباب والثلوج امسك الراين بالنصل بشدة.
ثُم انفجر ضوءٌ أبيض ناصع وسط أعينهم ورأى الثلاثة رؤى.
(العذراء)
رأت بياتريس حُلماً جميلاً وهي تعود إلى آرتيا مع هيونكيل .
لكن لسبب ما كانت حزينة.
عندها رأت مرة أخرى نفسها في المستقبل وهي وحيدة في المكتبة.
حيث راودتها رؤى من ماضي في المستقبل.
خافت بياتريس من شعور الوحدة ذاك ورغم ذلك استمر الشعور بدون توقف.
أغمضت عينيها فرأت نفسها مدفونة تحت التُراب وهي وحيدة.
لم يأتي لزيارتها أو تذكرها اي أحد.
وشعور الوحدة سحبها للاستيقاظ من الرؤى المرعبة.
(الطُموح)
رأى الأطلس نفسه في رؤى لمستقبل بعيد.
حيث يمسك بسلاح يشبه البندقية.
كان السلاح واضحاً لعينيه.
حيث استطاع رؤية تفاصيله وكيفيه عمله وشكله الحديث عن عصره.
أخذ الرسومات للسلاح من نفس الرؤى وحفظها في باله دون كلل.
لكن الرؤى تغيرت.
رأى نفسه في مكان آخر عن غرفته التي كان يصنع فيها السلاح حيث كان يتبارز مع رجل راكب لغزالة.
كان يرتدي خوذة تغطي وجهه وكفن أبيض ملطخ بالدم.
تقدم صاحب الغزالة نحوه وتقدم الأطلس بغضب وبمجرد أن تلاقت السيوف.
سقط الراين ميتاً وسيف مكسور.
عندها استيقظ الامبراطور المُحترق وهو مصدوم من ماحصل.
وفي رؤى أخرى.
(الفضيلة المُطلقة)
رأى هيونكيل مشهداً بسيطاً في الصحراء حيثُ ضرب الأرض وخرجت المياه في الحال كأنها عين لنهر عذب.
عندها من شدة السعادة استيقظ هيونكيل بفرح وسرور.
وجد الثلاثة نفسهم في الغابة باب الكهف المطل على الجبل.
ابتعدت بياتريس بفزع عن هيونكيل وهي خائفة.
هيونكيل :"سيدة بياتريس هل هناك خطب ماذا يحدث؟."
بياتريس :"اعتذر لكن علي الذهاب."
ركضت بفزع وهي تمتطي حصاناً متوجهة نحو آرتيا وهي تبكي.
استغرب هيونكيل لكن فجأة احس بمعدن حاد بالقرب من رقبته
الأطلس:"في نبوئتي كنا نتبارز في المستقبل.
كان الغزال الدموي ضدي وقتلني.
هيونكيل!.
من أنت بحق الجحيم!."
نظر هيونكيل بهدوء إلى الأطلس ثم تنهد
الأطلس:"لن اسمع اي كلمة بعد الآن.
لكن من أجل الأيام الخوالي فقط. اعطيك الفرصة للخروج من إيرتيريا نحو آرشيا بدون اي عودة هل فهمت؟!."
هيونكيل :"هل تقول بأنك تريد من هيونكيل الذهاب الى آرشيا ؟.
انت تعرف بأنني مطلوب عندهم."
الأطلس:"لم يعد يهمني ذلك بعد الآن.
أنا فقط اعطيك فرصة أخرى للهروب.
هل ستترك واقعك كما فعلت في هذه الخمس سنوات وتسلم نفسك عبدا للفضيلة ام ستعيش من جديد لتعوض هيونكيل الحكيم من خطيئة الغزال الدموي."
صمت هيونكيل للحظات وهو ينظر إلى الراين بعينين فارغة.
ثم بعدها في آرتيا بأسبوع.
الوداع.
نظر هيونكيل إلى آرتيا من خلفه بهدوء.
أهل المدينة التي قاتل من أجلها طول السنين.
إنه يودعها هكذا.
أراد هيونكيل قبلها أن يرى بياتريس للمرة الأخيرة.
عندما وصل إلى المكتبة رأى حفلاً كبيراً.
دخل هيونكيل من الباب الرئيسية بدون استئذان وهو يغطي نفسه بعبائة عندها رأى بياتريس في لباس الزفاف وبجانبها رجلٌ وهي سعيدة.
عندها نظر الظيوف إلى هيونكيل بصدمة بعد أن سقطت العبائة عن رأسه.
لكن بهدوء ابتسم هيونكيل والتفت بعيداً.
خرج بعيدا من القاعة وهو سعيد بدون اي دموع.
نظرت بياتريس نحوه وهي مستغربة ولم تعرفه لكنها احست بشعور غريب تجاهه.
كان هيونكيل سعيدا جدا لأنه رأى بياتريس تضحك.
وبمجرد أن خرج من آرتيا توجه في الطريق الصحراوي إلى آرشيا.
هناك قابله غزاله نزل هيونكيل من الحصان واطلقه هو والأمتعة في البراري.
جلس هيونكيل يضرب الأرض بعصاه.
عندها ضرب الغزال نقطة معينة فخرج الماء بغزارة شديدة.
عندها ابتسم هيونكيل وضحك بشدة ضحك كأن الدنيا وما فيها انحنت له رقص بسعادة حول المياه كأنه طفل صغير.
والغزال يلعب معه.
بعدها احس بيد لاوك وهيلكياس خلفه.
ابتسم هيونكيل بفرح ونظر إلى الأمام نحو الشمس.
هيونكيل:"وداعاً يارفاق."
عندها غادر الطيفان أكتاف هيونكيل واختفى الغزال وهو يرقص مع الأطياف نحو السماء.
عاد هيونكيل وهو يركض بسعادة إلى آرتيا وهو يحمل الماء ويضحك
توقف حرس الحدود.
لكن هيونكيل لوح لهم وهو يحمل برميل فيه ماء عذب.
عندها قال الحارس :"لحظة هل هذا ماء ؟؟؟؟"
قال حارس ثاني :"هل هذا هيونكيل؟؟؟؟؟!"
فرح الاثنان وبدأى بالضحك وهمى يرقصان بسعادة.
عندها تبعا هيونكيل نحو النبع وبدأوا باستخلاص الماء منه.
لكن للأسف في نهاية المطاف اضطر الرجال لتسليم هيونكيل بأمر من الأطلس.
عندها وقف الجميع أمام هيونكيل وهم يحييونه.
ابتسم وهو سعيد وحوله الناس يحتفلون باكتشافه العظيم.
لكن أمام عتبة القصر الإمبراطوري في آرتيا.
وقفت بياتريس والاطلس أمامه.
كان الأطلس يبكي وهو حزين.
لم ينظر هيونكيل لبياتريس وتمسك بابتسامته وهو سعيد.
تجاوزها وهو يتحمل عبئ ذلك.
عندها دخل أمام كل المفكرين ورجال آرشيا وآرسيا وآرتيا وقف هيونكيل وأمامه السُم.
قال الأطلس بتردد ونبرة غير رزينة
الأطلس:"اليوم نعلن أمام المجلس الإمبراطورية الثلاثي من آرتيا وآرسيا وآرشيا إسقاط حكم الإعدام بحق هيونكيل حكيم آرتيا الملقب ب الغزال الدموي
لتواطئه ضد الإمبراطورية في الثورة.
وسيتم تنفيذ حكم الإعدام بحق المتهم بجعله يشرب السم."
ترك الأطلس الورقة واجهش بالبكاء وهو يحاول أن يمسك دموعه خلف قناعه.
شرب هيونكيل ذلك السُم بهدوء.
وسقط أمام أنظار الجميع.
ومات هيونكيل إلى الأبد.
قام الرجال بدفع الحرس اخذت النساء تكفن الجثة وبكى كل من في القاعة.
خرج حشد ضخم في جنازته تلك الليلة.
خرج الأطلس من قصره في تلك الليلة.
ولم يعد ابدا إليه.
وسط الأعاصير والامطار جلس كل اهل آرتيا بجانب القبر الذي دُفن في الطريق المؤدي إلى آرشيا بجانب النبع.
مع احتدام العاصفة عاد الجميع إلى بيوتهم.
فقط الراين.
وقف الليل بأكمله أمام قبر صديقه وردائه الملكي الفاخر يتطاير من حوله.
لم يبكي في ذلك اليوم بقدر مابكاه وهو طفل رضيع في طفولته.
بعد أن توقفت العاصفة وهدأ الليل وبدأ الفجر بالظهور.
انحنى الأطلس باحترام لقبر هيونكيل
الأطلس:"أعدك بأنني سوف أحقق هدفي.
سوف انقل تاريخ إيرتيريا إلى كل الممالك في الشرق.
سوف اجعل الجميع يعرفون من كنت ياهيونكيل."
ثم توجه نحو سُفُنه وهو يحمل بندقية على كتفه.
خرج من آرتيا رجُلاً طموحاً جديداً بالكامل.
رفع الأطلس قناعه ورماه في البحر ومد يده نحو السماء وصرخ بفخر.
:"هيا يارجال لنوحد العالم بأسره.!!"
صرخ رجال الأطلس بفخر.
معلنين نهاية قصة.
وبداية قصة أخرى.
النهاية.
End
