Cherreads

Chapter 11 - الفصل الحادي عشر : اتفاق

ركض الأتباع فورًا لإيصال الرسالة، بينما بقي ويليام معلّقًا يتذوّق أقسى أنواع الألم في حياته.

لم يكن الألم جسديًا فقط… كان عقله نفسه يتشقق تحت الضغط، كأن كل نفس يسحبه يتحول إلى سكين يغرس في صدره.

مرت اللحظات كأنها قرون.

اقترب كايت مرة أخرى، وعلى وجهه تلك الابتسامة التي لا تحمل إلا السمّ:

"لقد مللت. ما رأيك أن نلعب لعبة حتى يصل الشيخ الثالث؟"

خرج صوت ويليام ممزقًا، بالكاد مفهومًا:

"هلا… تركتني… فقط… أعاني بصمت…"

ضحك كايت بخفوت، ثم قال بلهجة تقطر لؤمًا:

"لقد قررت اللعبة."

أحضر مسامير حادة ونثرها على الأرض، ثم بدأ بفك قيود ويليام.

وما إن حُلّت القيود حتى انهار ويليام على الأرض بقوة، وارتد الألم في كل جزء من جسده المضروب.

"ستقفز كالضفادع حتى خط النهاية خلال دقيقة… وإلا سأقتلع شعر جسدك."

قالها وكأنه يخبره بقواعد لعبة مسلية.

حاول ويليام الوقوف… سقط.

حاول القفز… سقط مرة أخرى.

كل محاولة كانت تمزق عضلة، وتعيد فتح جرح، وتكسر شيئًا في داخله.

لكنه رغم ذلك… تحرك.

اقترابٌ… ثم سقوط.

زحف… ثم محاولة قفز ناقصة.

ألم يبتلع كل أنفاسه، لكنه تقدّم رغماً عنه.

وحين لم يتبقَ سوى خطوة واحدة قبل النهاية… ظهر كايت أمامه فجأة وضرب ساقه بقوة، فسقط صامتًا، وكأن جسده فقد القدرة على حتى إصدار الألم.

ومع ذلك… في آخر ثوانٍ من الدقيقة…

جمع ما تبقى من نفسه وقفز…

ووصل.

لم يغضب كايت.

بل انحنى نحوه بابتسامة غريبة:

"إصرارك جميل… لنلعب لعبة أخرى."

أجلسه بالقوة على الكرسي وربطه من جديد، بينما فقد ويليام القدرة على حتى رفع رأسه.

وبينما كان كايت يستعد لتعذيبه من جديد،

انكسر شيء ما في داخل ويليام… أو ربما استيقظ.

لم يعد يسمع الأصوات حوله.

لا خطوات كايت… ولا صدى الغرفة… ولا أنفاسه المرهقة.

كل ما بقي…

نبضة قلبه.

نبضة… وجع.

نبضة… خوف.

نبضة… فراغ.

تشوّهت رؤيته.

الجدران تلتوي، الضوء يخفت، العالم كله ينكمش في بقعة مظلمة واحدة.

ثم جاء صوت…

بارد، قاسٍ، كأنه الحقيقة المجردة:

"ستموت. سيقتلعون نخاعك… ولن يذكرك أحد."

ظهر صوت آخر، أضعف، يائس:

"اهرب… يجب… أن تهرب…"

لكن الصوت الأول قاطعه بازدراء:

"تهرب؟ أنت بالكاد تستطيع تحريك يدك."

اختنقت أنفاسه، لكن وسط ظلامه… ظهرت جمرة صغيرة.

ضعيفة.

لكنها مشتعلة.

"إذا كنت سأموت… فلماذا ما زلت خائفًا؟

لماذا… ما زلت أريد أن أعيش؟"

ثم جاء صوت ثالث.

لم يكن صراخًا… ولا خوفًا…

بل ثقلًا عميقًا ينبض من أعماق لا يعرفها:

"لأنك لست ضحية… ولن تكون."

ارتجف جسده.

وجد نفسه يلتقط تلك الجمرة… يحضنها.

لم تكن قوة…

كانت كراهية كثيفة، نقية، وُلدت من التعذيب والإذلال.

"سأعيش…"

"وسأجعل كل من في هذا المكان يصرخ كما صرخت."

انفتح الباب فجأة، ودخل صوت ثقيل يقطع ذلك الظلام الداخلي:

"ما الذي لديك هنا يا كايت؟ وما سبب استدعائي؟"

دخل شيخ مسن، تجاعيده كثيرة لكن هالته مرعبة.

نظر إلى ويليام وكأن الأخير كومة نفايات على الأرض.

"هل هذا الفتى يملك نخاع حفيدتي؟ إنه لا يستحقه."

اشتعل شيء داخل ويليام… لكنه كتمه بصعوبة.

قال الشيخ بازدراء:

"ليس سيئًا لبشر أدنى. أخبرني بالسعر مباشرة، لا أريد إضاعة وقتي بجانب هذه الحثالة."

ابتسم كايت ببرود:

"السعر غير ثابت… فجدي والشيخ الأكبر يريدان النخاع أيضاً. السعر سيكون مرتفعًا لكم فقط… ببطاقة ذهبية."

صرخ الشيخ غاضبًا:

"تحلم! لن أدفع هذا السعر. سأبحث عن موهبة أخرى بنفسي!"

لكن كايت قال بهدوء:

"أنت تعرف المتطلبات لانتزاع الجذر بالقوة:

قوة إرادة فوق الأربعمئة، وقوة روح من الدرجة البرتقالية.

وحتى لو وجدته… الطائفة ستحارب لأجله.

وإن أخذنا نخاع هذا الفتى… لن يموت. ولن أستطيع قتله لتجنب العقاب.

وهذا يعني أنه قد ينتقم مني مستقبلًا…

لذا السعر عادل جدًا."

ساد الصمت.

ويليام… كان يغلي في داخله…

النار تكبر.

تكبر.

مرّت دقيقة كاملة من الصمت الثقيل.

لم يتكلم أحد.

لم يحاول كايت الإقناع… ولم يحاول الشيخ المساومة.

وأخيرًا قال الشيخ ببرود:

"حسنًا… اعتبر نفسك فزت هذه المرة. لكن هذا لن يتكرر. جهّز نفسك للقاءنا القادم."

ثم غادر لإحضار البطاقة.

حاول ويليام قول شيء… ولم يخرج صوته.

وفجأة شعر بقبضة كايت تطبق على رقبته من الخلف.

سحبه بقوة مفاجئة، فتمزقت أوتار يديه التي كانت مرتبطة بالسلاسل، وصرخت عضلات رقبته بألم حاد.

ولم يكد يلتقط أنفاسه… حتى غرس كايت يده في ظهره.

شقّ الجلد والعضلات دفعة واحدة، ثم سحب جزءًا من نخاعه بسرعة وحشية.

الدم انفجر من الجرح، وشعر ويليام أن ظهره يشتعل بنار لا تُحتمل.

غلف كايت النخاع بالقوة الروحية، ثم أجبر فقرات ويليام على العودة إلى مكانها بالقوة نفسها.

ودفع قليلًا من الطاقة بداخله ليُبقيه حيًا… لا أكثر.

أعاد ربط السلاسل في يديه، ثم صرخ نحو الباب:

"أحضِروا بعض الحبوب الروحية الرديئة الجودة من الطائفة… بسرعة!"

ثم وضع النخاع على الطاولة.

بينما بقي ويليام…

مغطى بالدم…

نصف واعٍ…

لا يستطيع حتى الصراخ.

More Chapters