استعاد ويليام وعيه كما لو سُحب من قبر مائي. الهواء عاد إلى رئتيه بقطع صغيرة مؤلمة، والماء البارد الذي رُشَّ على وجهه تسلل بين عظامه مثل إبر.
كان أول ما رآه…
وجه التابع.
وجه بلا ملامح واضحة… كأنه قناع، لا حياة فيه، فقط عينان تحملان شيئًا مرعبًا:
الشفقة.
قال بصوت خافت:
"اسمعني يا فتى… لقد اخترت أسوأ نهاية ممكنة. للأسف."
كلماته كانت خنجرًا بطيئًا.
لم يكن يحاول إخافته… كان يخبره بالحقيقة.
ثم انقلب الجو كله صوتًا وصدىً عندما سمع:
"يا للحنان… كم أنت لطيف. هل تريد أن نتقاسم الألم معه احترامًا لمشاعرك؟"
ظهر كايت من الظلام.
لم يقترب… بل انزلق نحو الضوء كأنه كائن لا ينتمي لهذا العالم.
كانت خطواته بلا صوت.
كانت ابتسامته بلا روح.
وعيناه… عميقتان كهوة تطل على الجحيم نفسه.
وقف فوق ويليام… يحدق فيه بعينين جائعتين، متحفزة، تلتهم خوفه قبل دمه.
وحدها تلك النظرة كفيلة بأن تجعل عظام طفل تكسر من الرعب.
بدأ بجرّ طاولة مليئة بالأدوات.
كان صوت احتكاكها بالأرض صريرًا يشبه صراخًا بشريًا خافتًا… كأن الطاولة نفسها تعرف ما سيُفعل عليها.
ارتعشت يد ويليام.
ارتفع صدره وهبط بسرعة مخيفة.
انحنى كايت، وجهه قريب جدًا لدرجة أن أنفاسه الدافئة كانت ترتطم بجلد ويليام.
"هل تريد أن تختار؟"
قالها بنبرة ناعمة… غير بشرية.
"أو… أختار أنا لك؟ من حقك أن تعرف ماذا تفعل كل هذه الأدوات اللطيفة."
حاول ويليام جمع شجاعته:
"من أنت؟!! وما الذي تريد مني أيها الوغد؟!"
لم تغضب كلمات ويليام كايت…
بل جعلته يبتسم ابتسامة أكبر.
ابتسامة لا تحمل أي معنى سوى السادية.
"أنا كابوسك يا فتى."
أمسك ذقن ويليام بأصابعه، ورفعها بقسوة.
"اسمي كايت… وسأجعلك تتمنى الموت بكل خلية في جسدك. ولن تناله."
ثم بدأ العرض…
الأداة الأولى: الحريش الفضي
رفع مخلوقًا رفيعًا، معدني اللون، يتحرك بحركة مقززة كأنه يبحث عن ثقبٍ يدخل منه.
"هذا الجميل يدخل من أذنك… يقضم قطعة صغيرة من دماغك… يضع بيضه… وبعد عامين، يأكل كل شيء."
المخلوق انحنى كما لو كان يحيّي ويليام.
الأداة الثانية: أسماك آكلة الجلد
فتح صندوقًا… كان مليئًا بخربشات وحركات سريعة.
شيء ما كان يضرب الجدران من الداخل.
"هذه المجموعة تلتصق بكل شيء… جلد، لحم، عظم… لا يهم. كل خطوة مؤلمة. ثم تعيش داخلك… وتخرج عندما لا يبقى شيء تأكله."
ارتفع الصندوق قليلًا بسبب ضربة من داخله.
ارتجف ويليام.
الأداة الثالثة: العشبة
كانت العشبة مثل غصن جاف… لكن أشواكها تتحرك ببطء كما لو كانت تتنفس.
"هذه تجعلك حساسا ... كل لمسة… حتى الهواء… تسلخك حيًّا."
ثم رفع كايت بصره وسأل بابتسامة ملتوية:
"هل هذا كافي؟"
لم يستطع ويليام سوى أن يهمس:
"كم أنت… مريض…"
جف الهواء بينهما.
كلمة واحدة فقط… كانت كافية.
تقدم أحد الأتباع:
"سيدي، ماذا عن الفتاة؟ قبضنا على الفتى منذ يوم… لا بد أنهم قبضوا عليها الآن."
توقفت دقات قلب ويليام.
تجمدت أطرافه.
شعر بسكاكين باردة تخترق صدره.
صرخ بكل قوته:
"اتركوا أختي أيها الكلاب!!"
لكن لم يسمح له القدر بمتابعة صرخته.
لكمة.
صوت شيء يتحطم داخله.
دم يتفجر من فمه.
تقدم كايت، ببطء… كأنه يستمتع بكل ثانية.
فتح فم ويليام بالقوة…
ثم أدخل العشبة دفعة واحدة.
شوكها مزّق حلقه من الداخل.
طعم الدم امتزج بالألم.
دفع كايت فكه ليُغلقه:
"ابتلع."
حاول ويليام المقاومة، لكن الألم أجبره.
ابتلع دمًا… وأشواكًا… وجلدًا ممزقًا.
جلس كايت أمامه، يراقبه كما يراقب عالم مختبر تجربة جديدة:
"سنرى بعد قليل… هل تبقى لسانك حادًا كما هو."
ثم جلس ينتظر مفعول العشبة.
وأما ويليام…
فكان يعرف…
أن ما سيأتي لن يكون ألمًا عاديًا.
سيكون تعذيبًا من مستوى لا يفهمه البشر.
