Cherreads

Chapter 7 - الفصل السابع : بداية المطاردة

عمّ الصمت المكان.

لم يصعد الشخص التالي للاختبار، ولم يقترب أحد خطوة واحدة.

كان صمتًا ثقيلًا... كأن الهواء نفسه توقف عن الحركة.

الجميع يترقب.

الجميع ينتظر القرار...

الموافقة؟ أم الانفجار؟

لا أحد تجرأ على التنفس بصوت مسموع.

وحده ويليام كان مختلفًا.

وقف وسط الهدوء الميت، وعيناه تتحركان ببطء محسوب، ترسمان خريطة كاملة للمنطقة...

الأزقة، المنعطفات، أماكن الازدحام، الحواجز، وكل ما يمكن أن يشكل طريقًا للهرب.

لم يكن يدري أنه قادر على التفكير بهذه البرودة...

لكن اللحظة دفعت عقله للعمل بطريقة لم يجربها من قبل.

أما فيكتوريا...

فعقلها لم يعد يعمل.

الصدمة جمدت أفكارها، وبدأت صور سوداء قاسية حول المستقبل تلتهم أي أمل بقي لديها.

كانت ترتجف بصمت، وعيناها تنظران للرجل كأنه بوابة إلى جحيم لا مفر منه.

ملّ الرجل الصمت.

ملّ الانتظار.

ملّ تردد ضحيته.

فقال بحدة نافذة:

"ما هذا السكوت؟! هل هناك جنازة؟ هيا، تعالي معي يا فتاة.

وأنت—" أشار إلى من بقي من الواقفين،

"واصلوا الاختبار.

أنت اصعد...

وأنت يا صبي، ابقَ حيث أنت في انتظار مرشد الطائفة ليعطيك شارتك."

ثم حدث ما لم يتوقعه أحد.

وما لم يتوقعه حتى ويليام نفسه.

كأن الزمن انكسر للحظة...

تقدّم ويليام خطوة واحدة، ثم دفَع فيكتوريا بقوة نحو الأمام وهو يصرخ بجملة واحدة خرجت من أعماقه:

"اهربي... ولا تلتفتي أبدًا!"

ثم—دون تفكير—جمع كل ما يملك من قوة وعزيمة،

وسدّد ركلة مفاجِئة بكل عنف إلى أعضاء الرجل الخاصة.

حدث كل شيء بسرعة لا تُصدق.

بسبب ثقة الرجل الزائدة، وحذره المنخفض... لم يتفادَ الضربة.

"آااااااااااااه!!!"

صرخة مدوية اخترقت المكان، صرخة كشفت شدة الألم وأربكت كل الحاضرين.

ثوانٍ قليلة لكنها كانت كنزًا ثمينًا...

ثوانٍ سمحت لفيكتوريا بالفرار لمسافة كافية.

لم يكد الرجل يستعيد وعيه حتى تحول وجهه إلى قناع من الغضب العالم.

تورّد جفناه واحمرت عيناه كأن الدم اجتمع فيهما، ثم قال بصوت غاضب كالرعد:

"كيف يجرؤ هذا الحشرة؟!

لا يُغتفر!!!"

التفت إلى الممتحن بجانبه:

"اتصل بأفراد مجموعتي... حالًا!"

ثم اختفى.

تحرك من مكانه بسرعة مذهلة، كأن الهواء نفسه انشق ليمرّ من خلاله،

وانطلق يطارد ويليام وسط صدمة المتفرجين الذين لم يفهموا كيف تحولت الأمور في طرفة عين.

...قبل ثوانٍ فقط

بعد الضربة، انطلق ويليام راكضًا بأقصى سرعة.

سرعة لم يعلم يومًا أنه يمتلكها، كأن الغريزة البدائية للنجاة استيقظت بكامل قوتها.

كانت الأزقة ضيقة، لكنها لحسن الحظ شبه خالية...

سمح هذا له بالجري دون عوائق، رغم أن أنفاسه بدأت تضيق وصدره يحترق من الجهد.

بلغته صرخة الرجل المرعبة من خلفه—

صرخة كانت كافية لتضاعف سرعته رغم الإرهاق.

ركض... وركض...

إلى أن رأى نهاية الطريق.

وكانت مغلقة بحطام ضخم، جدران مهدمة وقطع صخرية لا يمكن تسلقها.

توقف لجزء من الثانية، قلبه يكاد يخرج من صدره.

ثم دون تردد التف واتجه نحو طريق جانبي آخر،

والخطر يقترب منه بسرعة تشبه صفير الموت.

وصل الرجل إلى ذلك المكان بسرعة مخيفة، سرعة لا يمكن لعقل بشري عادي استيعابها.

وقف فوق أنقاض إحدى المباني، وعيناه تتفحصان كل زاوية، كل ظل، كل أثر.

وعندما لم يلمح أثرًا لويليام، أغلق عينيه ونشر حسه الروحي عبر المنطقة كتموجات مظلمة مرعبة، تجتاح الأزقة كوحش يبحث عن فريسة.

لم يمضِ وقت طويل حتى فتح عينًا محتقنة بالدماء، وقد وجد ما يبحث عنه.

اتخذ خطوة واحدة...

ثم اختفى.

وفي منتصف الطريق، التقى بأحد أفراد مجموعته الذي كان يهرع نحوه.

بلا رحمة ولا تردد قال:

"اذهب خلف الفتاة.

أحضرها... أينما كانت."

ثم أدار وجهه،

وتلاشت ملامحه بين الغضب والرغبة في الثأر،

وعاد ليبحث عن ويليام الذي كان في تلك اللحظات مختبئًا داخل مبنى مهجور،

يمسك بجدار متآكل،

يحاول السيطرة على أنفاسه المضطربة،

وعيناه الواسعتان تكشفان مزيجًا من الخوف... والذنب... والإصرار.

كان يعرف أن الرجل سيجده...

لكن الهروب ليس خيارًا بعد الآن.

في نفس الوقت – في المنزل

في تلك اللحظة البعيدة، التي لا يعلم فيها أحد ما يحدث حقًا...

كانت ماريا تجلس على الأريكة، يداها متشابكتان بقوة حتى ابيضّت مفاصلها، وعيناها تتحركان بلا تركيز.

"لا تقلقي... سيأتيان لا محالة."

قال جاك بصوت حاول أن يجعله ثابتًا...

لكن الارتجاف الخفيف فيه فضحه.

ابتلعت ماريا ريقها، ثم ردت بصوت منخفض:

"سأحاول...

لكن... الأمر صعب يا جاك."

كانت عيناها تحملان مزيجًا كارثيًا من القلق والتوتر والأمل الضعيف،

أما جاك فكان يقاوم كل مشاعر العجز التي تضرب قلبه ببطء مؤلم.

وفي تلك اللحظة القصيرة...

جلس كل فرد من العائلة في صراعه الخاص:

قلق، قلة حيلة، يأس، وانتظار لمعجزة.

معجزة...

لا أحد يعرف إن كانت ستأتي.

More Chapters